تشكل السيرة الذاتية لمؤلف هذا الكتاب إحدى منطلقات موضوع البحث. فبعد أن فقد بصره في عمر السبع سنوات، اضطر محمد للانتقال إلى مدرسة خاصة بالمكفوفين، حيث عاش تجربة العزل في المرحلة الجامعية، اختار محمد أن يلتحق بكلية الحقوق في الجامعة اللبنانية. عند تخرجه اصطدم محمد بالواقع الذي يتكشف عن تجذر للنظرة النمطية المستمدة من الوصمة السلبية لدى المجتمع صد الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث رفضت كل مكاتب المحاماة التي قصدها أن تمنحه الفرصة لتحقيق حلمه أن يصبح محاميا نتيجة لهذه التجربة، قرّر محمد الانخراط في الحركة المطلبية المنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان. وقد أدى هذا التحوّل في حياة محمد المهنية إلى تحفيزه المتابعة تحصيله الأكاديمي، حيث شكلت قضية الإعاقة والعزل محور نشاطه الدراسي البحثي، بالإضافة إلى استمراره في عمله كمدافع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان وعلى المستوى الدولي.
-
مؤسسات الرعاية في لبنان وإشكالية العزل الاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة: مراجعة تحليلية لحضور الشخص المعوق وصورته في الصحافة اللبنانية والسينما العربية
تعكس التجربة الإنسانية لظاهرة الإعاقة في لبنان والعالم العربي عن واقع من الحضور شبه المتعدم والمغيب للأشخاص ذوي الإعاقة على صعيد التفاعل الاجتماعي ضمن البيئة المحلية وصولا إلى حركة الإنتاج العامة، يقدم هذا البحث تفسيرات للعوامل التي ساهمت عبر التاريخ في تفاقم هذا الواقع مستندا إلى استقراء ما تقدمه التجارب الشخصية والمصادر التاريخية والكتابات الأدبية من صور عن حركة التطور المجتمعي والبنيوي في مجال التفاعل مع ظاهرة والإعاقة والمعوقين، متحدة من الواقع اللبناني نموذجا. هذا، ويخلص البحث إلى النتيجة التي تؤكد على دور النظام الرعوي القائم ، المستمد من التأثير الكولونيالي المباشر منذ قرون، والذي أسس السياسة العزل المؤسساتي للأشخاص ذوي الإعاقة كعامل يعتبر المسؤول الأول عن تشكل الصورة النمطية حول الإعاقة، حيث يقوم البحث بعرض وتحليل ما تظهره الصحافة اللبنانية والسينما العربية من نماذج عنها.