نقدّم للقرّاء من عُشّاق تُراثنا الأدبيّ الخالد مجموعًا زاخرًا بفنون الأدب، الّتي حظيت باهتمام محبّي الشّعر والحكايات اللّطيفة، والأخبار الظّريفة، والقصص العجيبة، والنّكات المتداولة على ألسنة أبناء العصر، وغيرها من مطارحات الأصدقاء والأدباء والنُّدماء.
والقارئ لهذا الكتاب يجد أنّ صاحبه ينفرد عن أضرابه الّذين نهدوا إلى انتخاب مادّة كتبهم من مصنّفات السّابقين، بحيث أحسنوا الاختيار والتّبويب، والتّنظيم والتّرتيب، فكان دقيقًا في اختياراته، إذ حرص على إيراد الغريب من أخبار العُشّاق، والنّادر من الأشعار الّتي لم نقف عليها في مصادر التّخريج، وهذا يزيد من قيمة هذا المجموع؛ إذ إنّه يشتمل على عدد كبير من القصائد المطوّلة، والنُّتف الكثيرة الّتي لم نهتد إلى قائلها، فضلًا عن اهتمامه بإيراد كلّ جديد دون الاعتماد على الانتقاء من كتب السّابقين، بل سجّل لنا أخبارًا نادرة غريبة كان شاهدًا عليها في عصره، ولا بأس أن نشير إلى اهتمامه الكبير بالمغمورين من الشّعراء، إضافة إلى المشاهير من أبناء زمانه ومن سبقوهم.
وبعد رحلة طويلة مع هذا المجموع، والغوص على ما في عميق بحره، استخرجنا كنوزه الدّفينة، بما اشتملت عليه من قصص ماتعة، وأخبار تدلُّ على نباهة وكبير علم، وأخرى تبرز تعلّق النّاس بالفكاهة، وأشعار رائقة، واختيارات موفّقة لقصائد لا تخلو من عبث، وبخاصّة حينما يجتمع النُّدماء رغبة في التّرويح عن النّفس.
د.محمد بنات