في أدب العراق الحديث

كتابٌ غزير في مادته التي تشمل شؤون الأدب والنقد والشعر والتاريخ والبحث الموضوعي على السواء. لقد تصدّى الباحث الراحل عبد الرضا صادق لمثل هذه المهمة خائضاً في غمار موضوعات تتعدّى حدود الأدب إلى قضايا الفكر والسياسة والعقائد. وهو في هذه الميادين قاطبةً يحرِّك قلمه بنباهة الناقد وتبصُّره وحسِّه “الأركيولوجي” وحرصِ المؤرِّخ ونزاهته وبعد نظره في مقاربة مسائل الاختلاف على المستوى العَقدي والمذهبي بين المسلمين. “في الأدب العراقي الحديث” أثرٌ أدبي وتأريخي في الوقت ذاته، إذ لا يحصر البحث في مجال الشعر والكتابة والمسار التاريخي للحركة الشعرية والأدبية في العراق وحسب، بل هو بعمقه الموسوعي يؤرِّخ لأكثر المراحل خطورةً في تاريخ العراق الحديث، وهي حقبة تراوح زمنياً بين مطلع القرن العشرين وثورة تموز/يوليو 1958. وقد شهدت هذه الحقبة أخطر التحوّلات في حياة العراق السياسية والأدبية والثقافية والاجتماعية، وكانت ملتقى الاتجاهات العاصفة ما تنافر منها وما تآلف، وما حاول الخروج على التقليد متأثِّراً بمنطلقات الحداثة وتياراتها ومناهجها وما أقام السدود في وجهها متشبّثاً بالقديم مدافعاً عنه حتى التعصّب والانكماش. وهذا الكتاب أخيراً، ليس بقائمٍ على منطق الفصل والتقسيم والتخوم المصطنعة على صعيد التراث الأدبي والثقافي، ولم يكن وراءه أي منزعٍ مذهبي خالص ولئن كان العنوان يوحي للوهلة الأولى بذلك. ولكن هذا البحث كان أساساً أطروحة دكتوراه من المقرر أن تُناقش في القاهرة، غير أن ظروفاً مختلفة، خارجة على إرادة الباحث صادق، حالت دون ذلك. وحَسْبُ الباحث الراحل فضلاً أنه خلَّف هذا الأثر الكبير من بعده إرثاً أدبياً للأجيال المقبلة والمهتمين والنقاد والباحثين.