القياس | 23-15 cm |
---|---|
ISBN | |
الكاتب | |
الطبعة | |
الغلاف | |
عدد الصفحات | |
التاريخ |
البزة والرداء وقميص النوم
$ 12.00
برغم جنوح هذه الرواية إلى ما يتعدّى الواقعية، والمؤلف نفسه يدعوها حكاية خرافية، فإن الواقع المتخيّل لحمتها الأساسية. وهكذا عشنا مرة أخرى أجواء الكابوس النازي ـ الفاشي الذي كان مخيّماً على العالم قبل الحرب العالمية الثانية وأثناءها، فإذا الوحشية والعسف عنوانان رهيبان لقدرة الأفكار العنصرية والعرقية والتفوّقية على اغتيال البشر والقضاء على الحضارة.
لقد عالج أمادو أثر النازية في البرازيل مستوحياً ما حدث لفرنسا على يدها ليبيّن شمولية هذا الخطر وعدم اقتصاره على التخوم الأوروبية، كعدوى تنتشر مع الريح من البلد المنشأ لتعمّ العالم في ما يشبه العاصفة الهوجاء. وهنا يربط الكاتب الماضي بالحاضر ليبلغ مشارف المستقبل. فما حدث في التاريخ العالمي نرى أنماطاً بشعة منه الآن في كل مكان، خصوصاً في العالم الثالث حيث العسف والبطش من خلال الأنظمة الديكتاتورية يبرزان فوق ركام الحرية والنزعة الإنسانية في المجالات كافة، وبخاصّة في المجال الفكري الثقافي الذي يقيّد في أغلال الوطنية تارة وغير الوطنية طوراً، وكأن الدولة الجديدة التي تكلمت عليها الرواية مبثوثة في معظم أفكار هذا العالم الثالث.
جورجي أمادو هو آخر الروائيين العالميين الذين تطلق عليهم صفة الموسوعيين مثل أساطير الرواية الكلاسيكية؛ ليون تولستوي، فيدور دوستويفسكي وتوماس مان وغيرهم. فلم يترك علماً أو فنّاً إلّا وطرق بابه، ولا حرفة إلا وخاض غمار البحث فيها بخبرة المعلّم ذي العين البصيرة النفّاذة، فكان أدبه الروائي موسوعياً غنيّاً بعوالم شتى، إلى الدرجة التي يمكن الاطلاع من خلالها على حياة البشر في مختلف طبقاتهم الاجتماعية ومهنهم المختلفة، في نسيج تأتلف فيه الأحداث مع الشخصيات في أسلوب واقعي حتى ولو وظّف الخيال أحياناً لإثراء السرد والعوالم التي تحويها روايته، كمراقب لمسار الحياة المتنوّعة، في بيئات يصبح تنافرها موضوعاً لغنى هذه الرواية.