دلمون
$ 12.00
لو سُئل أي من كبار السن في مقهى سلطان، كيف هي حكايات القلاف بن صالح يجيبك فوراً: “بن صالح يتكلم عن حياته ومهنته وعن جيلنا.”.. ويقدر أقرانه معرفته وخبرته في التعامل مع حرفته وأدوات عمله، الفأس، والمثقب وقوسه، والهندازة والمنشار والقدّوم. ويستعين بكل هذه في حكاياته، وحينذاك لا تقتصر وظيفتها على انها أدوات لازمت يديه في سنوات عمله، بل هي مجسات له يتحسس بها حياته وما تعلمه ويعرفه ويتوق إليه. وفي يوم وهو يستعيد تفاصيل عمله قال لإبراهيم: كنت أشترط لصناعة سفينة من نوع الغنجة مثلاً أن يكون البيص. وسأل بلهجة حادة قال: تعرف معنى البيص؟ واردف قائلاً؛ إنه قاعدة السفينة أو عمودها الفقري، وأن تكون مستقيمة وبلا شوائب وهي من أنواع خشب (الساج) أو آخر يدعى (بلاد) ويجلب من اندونيسيا. وقال انه خشب صلب ومتين وله رائحة الغابة. ويضيف بن صالح: عندما يبدأ من الصفر يثبت خشبتها الأمامية وسماها الصدر، ثم يصنع خشبتها الخلفية وسماها التغر، راسماً بحركات أصابعه ويديه أضلاعها، مثبتاً لها ما بين طرفيّ مقدمتها ومؤخرتها، موضحاً أهمية توازن قاعدة صدر السفينة وتغرها على مستوى رأسي واحد. وقال مشدداً على كلماته محدداً مواصفات أضلاع السفينة “يجب عليها أن تكون متشابهة”. بعد ذلك ترسم يداه في الهواء هيكل السفينة محذراً يقول إذا ما حدث خطأ ما في صناعة السفينة: “ينكسر هيكلها مثل علبة ثقاب تسحقها بالقدم.” قال ذلك بلهجة حازمة، هادئة. ● جيان- يحيى بابان- ولد في بغداد عام 1930. ● يعمل صحفياً، كتب مقالات ونشر قصصاً قصيرة وبضع مسرحيات في الصحافة والمجلات العراقية والعربية. ● غادر وطنه في آب/ أغسطس 1963، بعد الانقلاب العفلقي الدموي في العراق. ولم تسنح له العودة إليه طيلة الوقت. ● عضو اتحاد الأدباء العراقيين.