فؤاد بطرس: مذكرات موازية ومتقاطعة
$ 11.00
منذ وزارته الأولى، ارتقى فؤاد بطرس الى رتبة الأقطاب، ولم يكن مختارا، ولا زعيم حي، ولا نائبا ولا فكّر لحظة واحدة بالترشح لأي منصب. ولا كانت شهرته تطبّق الآفاق. جاء به فؤاد شهاب من القضاء والمحاماة، فأصبح “جوكر” السياسة البنانية، يتنازع عليه مؤلفو الحكومات. هو بالتأكيد الشخصية اللبنانية التي رفضت أكثر مما قبلت عروض التوزير. تحيط باسمه هالة من الاحترام والتقدير، مطعّمة بنوع من الغيرة والهيبة. غير أن هذا كله لم يحل دون أن يخطئ ويصيب. والمشكلة معه أنه يعترف بالخطأ على رؤوس الأشهاد، ولا يستخف بالصواب. “غلطنا… أخطأنا… استخفّينا…”، هي من الكلمات التي تتكرّر في مذكرات فؤاد بطرس. أدرك منذ تجربته الأولى، أن قوة لبنان ليست في ضعفه، ولا في جيشه مهما تسلّح وتدرّب وتزوّد بالعدة والعديد. قوته من قوة مجموعة من الرجال، على اختلاف مصادر الالهام عندهم، يؤمنون بوطنهم الصغير، ويعالجون شؤونه الداخلية والخارجية، انطلاقا من هذا المعطى الجوهري والوجودي، بالمنطق والصدق والجرأة، بالحكمة والحوار وقبول الآخر على حقيقته وليس على الصورة التي نتمنى أن يكون عليها. في سنوات المحنة، أثبت فؤاد بطرس أنه كان بوسعه أن يوقف المعارك، وحده، بنقاشه وحججه الصادقة والخالية من كل مراوغة. بذكائه، بثقافته، بكياسته، بوطنيته، بجرأته، جعل الرئيس حافظ الأسد “يتهيّب” أمام موقفه، ويأمر بوقف القصف. ومرة أخرى، جعله “يصعق” أمام الحقيقة التي يعرضها عليه بتفاصيلها، فيقرر الرئيس السوري أن يكلفه شخصيا باتخاذ ما يراه مناسبا لانصاف اللبنانيين ويصون كرامة القوات السورية. وهذا الرجل الذي لا يمكن أن يفاجئه شيء، يعترف بتواضع بأنه فوجئ بجرأة سليمان فرنجية في مفاوضة حافظ الأسد، وبالمواقف الحادة التي اتخذها الرئيس فرنجية غداة أحداث ثكنة الفياضية. ومثلما أن فؤاد بطرس شخصية فذة، كذلك فان لكاتب المذكرات الموازية والمتقاطعة حضوره ورأيه وهو يستعرض ويقارن ويناقش ويعاتب وينتقد ويسأل، معترضا أو مؤيدا بنبرة يمتزج فيها الحنين بالدعابة، بالغضب على الفرص الضائعة، بالأسف على غياب الشرح والتحليل. ودائما باعجاب واحترام ومحبة. جورج فرشخ من مواليد زغرتا، حائز على دكتورا في سوسيولوجيا الإعلام من جامعة السوربون. مارس الصحافة بكل فنونها وأساليبها المكتوبة والمسموعة والمرئية، في لبنان، وفي الدول العربية، وفي فرنسا، حيث يقيم دون أن ينقطع عن لبنان… له مجموعة من الكتب في الرواية والسياسة والسيرة. ترجمت روايته “خيط رفيع من الدم” الى الفرنسية، بعنوان Oum Farés, une mère dans la tourmente libanaise ونالت جائزة الصداقة الفرنسية العربية لعام 1995. وله عدة أفلام وثائقية بثتها التلفزيونات اللبنانية.