في علمية الفكر الخلدوني
$ 5.00
ثورة ابن خلدون الفكرية تكمن، في أنه حرّر الفكر التاريخي من هيمنة الفكر الديني، بأن اكتشف في واقعات التاريخ عقلها المادي فأحلَّ ضرورة العمران محل الله ـ أو ما يشبهه ـ في تفسير الظاهرات جميعاً، فاستبدل التأويل بالتفسير، فكان التفسير، بالضرورة، مادياً، وكان علمياً من حيث هو مادي، دون أن يعني هذا رفضاً للدين، أو الشرع، ومبادئه. فالشرع شيء، والتاريخ ـ أو العمران ـ شيء آخر، وليس هذا ذاك، ولا ذاك هذا، ولئن دخل الشرع، أو الدين، في حقل العمران، أو التاريخ ـ كما هو واقع الأمر في “المقدمة” ـ فكأمر عمراني، أو تاريخي، مادي، لا كأمر غيبي أو إلهي. ويُنظر فيه، حينئذ، بعين العمران وقوانينه، لا بعين الدين ومبادئه، أو بعين الشرع وأحكامه. فلمسائل الشرع منطقها، ولمسائل العمران والتاريخ منطقها. ولا يصح، في المعرفة الخلط بين المنطقين.