يشكل هذا الكتاب – مع أشقاء له، الحلقة الأولى في سلسلة خماسية الحلقات ستأخذ سبيلها إلى النشرتباعاً- مادةً تاريخية تسجيلية، ويكشف عن بعض مراحل حياة مدونها ونشاطه على الساحة الإبداعية والثقافية منذ المراحل الأولى التي خاض غمارها، وبالتحديد مع مستهل النصف الثاني من القرن العشرين حيث تتضارب أو تتقارب المشارب والآراء في مختلف مناحي الحياة الأدبية والسياسية والاجتماعية والنضالية.
فهل ثمة من جدوى في نشر مثل هذا الجهد الثقافي الذي يكاد يكون جنساً أو نوعاً أدبياً متميزاً أو نادراً في ساحة الحركة الثقافية عندنا وفي لغتنا العربية؟ والإجابة أنه لو لم تكن هذه الجدوى ماثلة لما ظهر الدافع إلى إظهارها للملأ المتتبع لما يجري في واقعنا الثقافي والأدبي، بل حتى الإبداعي، إن صح ذلك. فمن الفوائد أننا نقدم للقارئ ضرباً بديلاً لكتابة المذكرات. كما أن تقديم مثل هذا الجهد الثقافي قد يضم مادة تساعد الباحث أو الدارس الأكاديمي وغير الأكاديمي الذي يتناول شخصية الوجه الرئيس والمحرك عبر هذه الرسائل، التي تشكل واحداً من مجموعة مراجع الدارس ومصادره البحثية. هذا فضلاً عن أن هذه الرسائل تقدم ضرباً من الإمتاع والمؤانسة لقارئها، كما أنها قد تشكل منفذاً لولوجٍ سيكولوجي إلى ما يختلج من عوامل في دواخل من صدرت عنهم هذه الرسائل.
هذه الحروف التي نسجت هذا الكتاب. لها وقعها وأنغامها في نفوس صاحية مستعدة لفتح نوافذ أفكارها تدعوها للتحليق خارج سجن التضليل والسعي الدائم بأنفسنا عن جوهر انفسنا هي المعرفة التي مهما نهلنا منها لا تروينا، تجعلنا نحلّق عالياً ونسبح في سبحات الوجد، و نقدّس جلال الجليل الأحد.