الكتاب الذي نضعه بين أيدي القراء يتألف من مجموعة أبحاث ومقالات ترى، من زوايا نظر مختلفة، إلى كيفية انعكاس الإسلام في تاريخ شعوب الشرق، وفي ثقافاتها بدرجة معيّنة؛ كما وتعرض لماهية تأثير الإسلام في الحياة الاجتماعية-السياسية لتلك الشعوب. ذلك أن دراسة هذه المسائل ترتدي أهمية خاصة عقب ما نلمسه من تعزّز العامل الإسلامي في الصراع الفكري-السياسي المحتدم قي بلدان آسيا وأفريقيا النامية.
إن هذا الموضوع- الذي بدئ البحث فيه من عهد قريب في الاستشراق السوفياتي- واسع جداً، الأمر الذي يفسّر المضمون الواسع للكتاب المقدّم، وإحاطته فترات تاريخية ومناطق مختلفة على صعيد الإشكالية البحثية. إنَّ أبحاث الكتاب مكرّسة لتحليل المظهر الديني-الفقهي لمشكلة نشوء الإسلام، ودراسة عملية استواء التيارات الدينية-السياسية المبكّرة، وتطوّر القانون الإسلامي، وتنظيم “الإكليروس” ومكانته في البنية السياسية للمجتمع ودوره في الصراع الاجتماعي-السياسي المعاصر. هذا، وتتصدّى الأبحاث التي يضمّها الكتاب لمشكلة نسبة السلطة الزمنية إلى السلطة الروحية في الدول الإسلامية، وكذلك لتصورات المفكّرين القروسطيين حول الانقسام الاجتماعي في المجتمع، كما تعرض لمسألة اليوتوبيا الاجتماعية في الحركات الاجتماعية-السياسية القروسطية.
