امرأة من كوكب آخر
$ 7.00
… كنتُ أرى في أعين الناس شفقة لا تنتهي، وكنتُ أسمعهم يهمسون بين بعضهم “حرام، ماتتْ أمها لحظة ولادتها، حتى رفاقي في المدرسة، كانوا وكأنهم يحملونني عبء موتها وذلك من خلال نظراتهم وكلماتهم العابرة، كبرتُ وأنا أحملُ هذا العبء، وكأنني جزء من معادلةٍ مكررة لا فرار منها، عقدة الذنب التي لم أرتكبها، فأصبحَ الخوف من الأمومة ظلاً يطاردني، يُخبرني أن التاريخ قد يعيد نفسه.
كتب ذات صلة
-
السلك النحاسي
هكذا عقد النضالُ سلكه النحاسي على جوهرة أخرى، في سردنا الآخر الطويل، فكتب رواية وترك لنا مهمة إنهائها. لقد كان يدرك أن مهمة كل قارئ هي نفسها مهمة كل إنسان حقيقي يود أن يجد حلمه. لذلك كانت النهاية مفتوحة على الحياة وعلى الاحتمالات التي لا تنتهي. وبالنسبة إليه فالنهاية بداية السرد حيث مضى شهيداً لا يعترف بموت الفكرة التي من أجله يحيا ومن أجلها يكتب.
وهنا بالذات تحضر المرأة ككينونة تحمل رسائل عميقة في فكرة حريتها الشبيهة تقريباً بحرية الأرض. ولكنها هنا غادرت عوالم السياسة دون أن تفقد ارتباطها بالفكرة والقضية، وها هي تتعدد في شخصيات كثيرة حولها. شخصيات خبرها نضال من حوله، ودخل عميقاً إلى أسئلتها الخاصة، دون أن يتدخل باقتراح حلول، فأتت النهاية كاملة بنقصانها.
-
-
رموز – معزوفة الحب والثورة
يتفاجأ قارئ رموز بسيرة أبطال مشابهة لسيرة تلك الفئة من البشر التي أشير إليها في مقدمة الرواية، بما يتمتعون به من صفات جعلت منهم مثار جدل ميتافيزيقي لدى النخبة والعوام. يبدأ الجدل بظهور واختفاء حميم الحمامي زوج ليلى الغواص والطريقة الغريبة التي تمَّ بها زواجهما لكونها الابنة الوحيدة لرجل واسع الثراء ينتمي وزوجته المتوفاة لعائلة أرستقراطية ذات أصول تركية، بينما لا يعرف أهالي حي البستان شيئاً عن الحمامي سوى أنه غريب حلّ بالديار سعياً وراء لقمة عيشه بواسطة نايٍ قصبي وحمامتين زاجلتين مشكلين فرقة سيرك جوالة إلى أن يفاجئهم ذات يوم موظفاً مسؤولاً بمزرعة الغواص الشهيرة وزوجاً لوحيدته ليلى، ثم يفاجئهم مرة أخرى باختفائه المريب دون أن يترك أثراً سوى سيرة قصيرة ناصعة رغم ما شابها من التباس، وطفل ولدته زوجته ليلى بعد مضي أشهر على رحيله، يربى الطفل في كنف جده الغواص ويبدي ذكاءاً نادراً وبراعة استثنائية في كل ما يقوم به من أعمال، ثم يتشرّب شغف جده بالجمال والطبيعة والقراءة والعزف على الناي، وفي مرحلة مبكرة من عمره يزوّجه جده ويلقي به في غمار العمل العام حيث تتم تصفيته بطريقة غامضة، تاركاً خلفه إرثاً إبداعياً لا ينسجم وعمره الغض، وابنة وُلدت بعد رحيله ورثت عنه عبقريته الفطرية وجموحه الفني وكفاحه المرير ضد سلطة غاشمة، فتنجح الأخيرة في تصفيتها بذات الأسلوب الغامض الذي صفّت به والدها قبل عقدين من الزمان، ولكن بعد أن تنجز مشروعها الفني وتحقق شهرة مدوية، فيتحولان هي ووالدها إلى أسطورتين جدليتين كثيفتي الحضور في المجالس الخاصة والعامة، ما انعقدت جلسة أنس أو عمل أو واجب اجتماعي إلّا وحلّت ذكراهما وحام طيفاهما في المكان، دون الإغفال عن ذكر الرجل الغامض الذي غرسهما في تلك البقعة من الأرض قبل أن يختفي اختفاءًا مريباً جعل البعض يشككون في انتمائه للجنس البشري وينسبونه إلى عالم الغيبيات. ليستمر الجدل الميتافيزيقي حول تلك العائلة إلى أن يبلغ حد الهوس!
الفارق الوحيد بين أبطال المقدمة النموذجيين والأبطال المجسدين في أجزاء الرواية الخمسة هو أن الفئة الأولى تبحث عن الله كي يكشف لها سر الحياة، فيما كرّست الفئة الثانية كل ما حباها الله به من مواهب خارقة للمألوف في العمل على نشر النور في واقع مغرق في الظلام، والجمال في عالم متخم بالقبح، والحرية في بيئة تنوء تحت وطأة القمع، والعدالة في وطن يعاني السواد الأعظم من شعبه الظلم!
-
المساخر
شيء ما بداخل بدر يرغب بالعزلة، أو ربما يرغب بإبرازها فيه لنفسه لتهويل قصته أمامه حتى يشعر بالإثارة من حياته، شيء ما فيه يصنع حكاية حوله، هو بطلها. ولكن كيف يمكن لشاب صغير يغير مسار صفاته كلما تماوج إيقاع حياته أن يصبح بطلًا؟ كيف يمكن لبدر ذلك، وهو أحيانًا في الدقيقة الواحدة يتخيل نفسه داخل أحداث المسلسل الهندي «صراصير المكسيك»، ثم مباشرة يتخيل نفسه يلعب بجانب نجم كرة القدم الإيطالي «خوسيه تازيا»، يمرر له الكرات، ثم فجأة يتخيل خوسيه تازيا معه داخل أحداث مسلسل «صراصير المكسيك» يقدم له الصراصير، وأخيرًا، في الدقيقة نفسها، يصير يتمايل يلمس خصر المطربة نانا بطريقة أكثر جرأة من شاب ظهر يراقصها في إحدى حفلاتها الغنائية؟ كيف يمكن لشاب يريد أن يكون صاحب أكبر قصة محزنة، وأكبر مفاجأة سارة؟ كيف يمكن لشاب يريد أن يبدو الأكثر رشاقة، ويُعرف عنه أنه الأكثر أكلًا للحمة، أن يكون الأول بشيء، تمامًا؟ كما كيف يمكن لشخص يتكلم في جميع المواضيع أن يفهم بموضوع واحد؟
-
قبل الموت… ما بعد الحياة
بعد أن ظننتُ أن ستارة الفصل الأخير من حياتي قد أُسدلت، اكتشفت أنني قد مُنحتُ وقتاً مستقطعاً لأكتب عن تسونامي الأسئلة المتهافتة حول ماهية حياتي، وإذا أردت، ومن دون تحفظ أن أصفها، فهي قد راوحت بين الخسارات المريرة وغلبة الإحساس بالخذلان، خذلان الذات قبل خذلان الآخرين، وسيطرة الشك وعدم اليقين، فتكالبت عليَّ خلالها التحديات الجنونية. إلا أنني في حقيقة الأمر أقر أنني استغرقت في الحياة إلى حد الاقتراب من الموت، ليتضح لي لاحقاً أن الحياة والموت كانا صنوين يترافقان معي على الدرب ذاته وكانا يتصارعان ليرفع أحدهما راية النصر مهللاً عند خط النهاية، ويفرض على الآخر رفع راية الاستسلام. هذه الرواية ليست سيرة ذاتية ولا شريطاً تسجيلياً بل كانت محاولة للكتابة وتحولت إلى حوار مع الذات للنفاذ إلى مكنونات كان تم دفنها عميقاً في محاولة فاشلة لجعلها منسية تماماً. وصدف أنني كنتُ بدأت الكتابة في زمن العزلة التي فرضها اجتياح الكورونا للكوكب لأكتشف أننا كنا بحاجة، ومنذ زمن طويل لصفعة من مثل هذا الوباء لكسب فسحة من الوقت في محاولة لرأب جروح النفس وهو ما لم يكن متاحاً لولا التنقيب عميقاً في صندوق ذكريات الحياة لتتملّى به عيناي كما روحي القلقة، فكان العلاج في الكتابة، أو بمجرد المحاولة بحد ذاتها.
أكان الموت يقارعني؟ أم أنها الحياة؟ أم أن كليهما استفزا فيّ الرغبة في العيش …حتى الموت.
-