القياس | 15 × 23 cm |
---|---|
الكاتب | |
ISBN | |
التاريخ | |
الطبعة | |
الغلاف | |
عدد الصفحات |
يا ابنتي… إنها طيور لا تغرد
$ 12.00
خرجت من البيت تلك الليلة كطائر مذبوح يغيض من الدّم، خرجت وأنا أحسّ بأنّ كلّ أحلامي تتسرّب منّي، وتتلاشى آمالي كخيوط من دخان. مشيتُ وكلّي اقتناع عميق، ولكن غير مفهوم، بأنّ عقارب السّاعة قد توقّفت بيني وبين هيلين. خرجت حائرًا محطّمًا، ونحيب هيلين يمزّقني من الدّاخل. رحت أبحث في كلّ ركن خفيّ من عقلي، وفي كلّ زاوية مظلمة من وجداني، عن حلّ يبقي على هذا العشق الرّائع، لكن للأسف، لم أتلقّ سوى وعود واهية، من مستقبل لا أعلم ماذا كان يخبّئ لي… وتولّدت لديّ، حينذاك، قناعة ما زالت تلازمني حتّى اليوم، وهي أنّ الحبّ كالحرب، لا يوجد فيه انتصار كامل، ولا هزيمة كاملة…!
المهمّ أنّني خرجت وقتذاك لا أنشد إلّا شيئًا واحدًا… هو الهروب والاختباء… الهروب من نفسي، والاختباء من نفسي … تهت لا ألوي على شيء ولا ألتفت إلى شيء… ولا أدرك شيئًا… حتّى إنّ تلك اللّيلة شهدت توتّرًا أمنيًّا شديدًا… ولكن ألفيت نفسي سائرًا، وتائهًا، غير حافل بكلّ ما كان يدور من حولي. كنت أرجو حينذاك أن أتلاشى تلاشيًا أبديًّا. وطفقت، منذ تلك اللّيلة المفجعة، أبحث عن هيلين… ولم أعثر عليها حتّى هذه اللّحظة…! يا لتعاسة الروح التي تفقد توأمها للأبد! اعذروني… أشعر بالإجهاد، ولا أريد استذكار لحظات الوداع، وما حفرت الأيّام في داخلي بعد رحيلها. لقد عرفت نفسي حين عرفتها… ولمّا رحلت، ضاعت منّي نفسي…! أرجوكم، أريد الاسترخاء… دعوني أتمدّد، وإذا غفوت لا تحاولوا إيقاظي.