لكل حكاية بداية أو نقطة تحوّل، عَرِفها حينَ كانَ في عينيها بريقٌ ممزوجٌ بالظُلم والخوف وثورة مُتأججة في بُركانٍ من الأنوثة الطاغية يتلمّسُ طريقه للانفجار، وكان هو الشاب الوسيم ذي السابعة والعشرين ربيعاً الذي لا يُقاوَم من حيثُ الشكل والدهاء. بَسط سلطته على كلّ من صادفتهُ من النساء عَداها.
رغم طيبتها وبساطة تفكيرها لم تُحرك تجاهه ساكناً ولا حتى طرفة عين، فأشعلت فتيل التحدي في داخله، واحتلّت بذلك ساحة المعركة المنبعثة لشدّة إهمالها لشخصه. تزوجا وعاشا صراع التناقضات بين الحب والعائلة، بين الألفة والاغتراب.
مضت سنواتهما كما يمضي قطار العمر، ولم يكن الطلاق أولويتهما.
في حكايتهما نقفُ مطولاً أمام مُجريات الأحداث في حياتنا وننتقلُ بين محطةٍ نحملُ فيها حقيبة جديدة ونفرغ أخرى، نعيش في فترة زمنية نبحثُ فيها بين أشيائنا عن وجهنا الحقيقي الذي أضاف عليه الزمن مَساحيق الفصول والأيام.
تبقى ذاكرتنا وحدها هي التي تعرف تفاصيل دقيقة كانت وتبقى عصية على النسيان لأنها السبب في ما آل إليه حالنا اليوم وما قد يحصل في ما تبقى من أعمارنا.
في عمر الثلاثين نتعلّم ما سبق من تجارب العشرينات، وفي الخمسينات نقفزُ الأضعاف. فالتجارب تتراكم لتصبح سنواتنا مزدحمة بالدروس، فما بالنا ونحن نتخطى ما زاد عن الستين منها.